الثلاثاء، 3 يوليو 2012


احذروا السيناريوهات السوداء
كتبه: أحمد فهمي

عند كل منعطف تمر به الثورة المصرية تظهر على ساحة التحليلات سيناريوهات متعددة تنطلق من مفهوم أن التحليل المعمق هو التحليل الذي يفترض الأسوأ..
وهذا توجه غير علمي...

مثلا، أغلب هذه السيناريوهات تتحدث عن العسكري وكأنه يملك، يتحكم، يحرك: كل شيء، ويتغافلون تماما عن أن العسكري مكث شهورًا عديدة يكافح لإبعاد أي رئيس ثوري- فضلا عن الإسلامي- عن كرسي الرئاسة، فأثمرت جهوده: د. محمد مرسي، يعني 180 درجة عكس اتجاه التخطيط.

علماء المستقبليات يحددون 3 أنواع من السيناريوهات، هي: الممكن، المحتمل، المفضل.. وهناك تقسيمات أخرى باعتبارات مختلفة، لكن تلك هي أشهرها في التطبيقات السياسية..

السيناريو الممكن هو الذي تدعمه أغلب المؤشرات والشواهد، ويتم بناء السيناريو بافتراض أن المتغيرات سوف تعمل بالطريقة نفسها دون تغيير، وبعض العلماء يقسم هذا السيناريو إلى: الممكن المتفائل، والممكن المتشائم، فالأول تبرز فيه المتغيرات الإيجابية بصورة أكبر، والثاني تبرز فيه متغيرات الخطر بدرجة أكبر..

أما السيناريو المحتمل، فهو الذي تدعمه شواهد لا ترقى لدرجة الممكن، فهو ليس مستبعدا تماما..

بينما السيناريو المفضل، هو الذي تحدده المعايير الإيجابية، فهو يعبر عما يطمح إليه واضعو السيناريو.
كثير من الكتاب والمحللين يُعرِضون عن هذه التقسيمات كلها، ولا يستحضرون إلا الرؤى المتشائمة.

نعم لابد من وضع ملامح للمشهد دون إغراق في التفاؤل، أو إخفاء لمعالم الخطر، لكن الإفراط -والاقتصار- على السيناريوهات السوداوية يسبب انهزامية وإحباطا، بل يجعل البعض يتهيأ للقبول بالأمر الواقع باعتباره حتما لا يمكن تغييره.

لو طبقنا هذا المفهوم على المشهد الحالي الذي يتصدره المجلس العسكري، فسنجد أن هناك فرقا بين القول إن العسكري يملك مكونات المشهد وبالتالي هو الفاعل الوحيد، وبين القول إن العسكري يملك القدرة على إفساد المشهد، مع وجود فاعلين أقوياء لديهم قدرة وتأثير.

القول الثاني هو الصحيح.. والدليل هو: محمد مرسي.
لن نستطيع التحرك والنضال السياسي ونحن نظن أن خصمنا قادر وقاهر، بل حقيقة الأمر أن مساحة المناورة أمام العسكري تتقلص باطراد، فلم يعد بين يديه من أدوات المناورة إلا بقايا متفرقة، واعتماده الرئيسي حاليا على منظومة القضاء.

العسكري سلب صلاحيات مهمة من الرئيس، نعم، لكن لا يزال هناك صلاحيات أخرى حيوية جدا، سحب العسكري الصلاحيات التي تتيح له إفساد المشهد، لكنه ليس مطلقا في حكمه ولا قراره...

لا يزال أمامنا مشوار طويل حتى نسترد الحقوق كلها، لذلك يجب أن يبقى الحراك الميداني، ليس على سبيل إثبات الحالة كما هو حادث الآن، بل على سبيل تغيير الحالة، وهذا لا يتأتى إلا بإستراتيجية تصعيد متدرجة متناغمة مع تطورات المشهد..

نحن من يملك رسم المشهد السياسي وليس العسكري، وإنما يتفوق العسكري بعجزنا وتفرقنا وتركنا للفعاليات الثورية، التي هي أكثر ما يوجعه.. والله غالب على أمره..


0 التعليقات:

إرسال تعليق