الخميس، 28 يونيو 2012


ناصر أبوطاحون يكتب : نهاية دولة عبد الناصر

قد يكون وصول مرسى لقصر الرئاسة عبر عملية انتخابية حفلت بالكثير من الشبهات إنجازاً لتنظيم الإخوان، وتتويجاً لـ 80 عاماً من العمل السرى توزعت بين المهادنة والمواجهة، بين الدماء والسجون فى لعبة القط والفار بين الدولة المصرية والحركة الإخوانية، لكن لن يكون بوسع احد من الإخوان ان يقنع مصرياً واحداً أن نجاح مرسى إنجازاً له ما لم يكن ذلك مصحوباً بحلول عملية وواقعية وسريعة لمشكلات وأزمات يعيش فيها المصريون وأنهكتهم طويلاً، غير ذلك لن يجدى من عينة أن الرئيس يصلى الفجر ويأكل زبادى وينقل جنود الحراسة للظل، فكل هذا من باب الدعاية الفجة التى قد تأكل دماغ العامة للحظات قبل أن يفيقوا على أوضاعهم وأزماتهم الأخذة فى الإستفحال يوماً بعد يوم ..
وقد يكون من حق الإخوان أن يفرحوا بفتح القصر الجمهورى أمامهم، غير انه عليهم أن يتذكروا أن تلك القصور يتم تداولها بين الناس كحكمة إلهية لعلهم يتفكرون، قبل أن يفيقوا على أنفسهم وقد خسروا كل شىء. لكن ليس من حقهم أن يطلقوا لخيالهم العنان فيتصوروا أنهم ملكوا الدولة واستعبدوا شعبها ، فنجد إخوانياً تملك الغرور منه فيقول لشخص معارض أنهم – الإخوان- أسياده ، وهى ليست عرضاً – تلك الكلمة، لأنها تتكرر للمرة الثانية على لسان قيادى إخوانى، ولكنها فى المرة الثانية أخطر لأنها مصحوبة بعدوان بدنى، فالرجل الإخوانى حاول الفتك بخصمه وخنقه بعد ان أخبره بحكاية السيادة تلك على المصريين التى يلوكونها كالعلكة فى أفواههم.
غير أن ذلك كله كوم ، وموقف ذاك الفتى المباحثى عصام سلطان كوم أخر، فبعد أن كشفت الداخلية عن عميلها بنفسها فى معركة دعم شفيق ، وقال شفيق على الملأ ما كنا نعرفه من زمن عن ذلك الفتى المدلل لمباحث أمن الدولة عصام سلطان ، والذى كان يتولى تقديم الخدمات والتجسس على الفعاليات المعارضة، والعمل على زرع الانقسامات بينها وبين بعضها البعض، لم يتوقف سلطان كثيراً ولم يأبه لتلك الإتهامات ، وظل يستل سيف خشبياً ويظن انه محارب حقيقى فى معارك الوطن، بيد أن الجميع يعرف من هو وكيفية خروجه من جماعة الإخوان بعد أن اكتشفوا حقيقة عمالته لأمن الدولة فطردوه شر طردة، أخر ترهات سلطان أنه يتمنى لو هدم السد العالى ليكون بذلك قد أنهى تماماً على دولة جمال عبد الناصر، سلطان المباحث نسى أن دولة عبد الناصر لن تنتهى إلا بنهاية المصريين جميعا، وقال أن نجاح محمد مرسى هو إيذان بنهاية دولة جمال عبد الناصر، وربما هو حلم له ولأمثاله، ولكن هيهات له ماتمنى، فنجاح محمد مرسى هو نجاح لدولة عبد الناصر، لأن محمد مرسى نفسه هو ابن دولة عبد الناصر التى لولاها ما كان مهندساً ولا أستاذاً جامعياً ولا أصبح فى القصر، فمحمد مرسى المولود قبل قيام الثورة الناصرية بعام لأسرة من فقراء الوطن وضحايا الإقطاع والرأسمالية المتوحشة والملك الفاسد، بلغ سن التعليم ليجد مدرسة مجانية ومجتمع ناهض ينمو فى ظل عدالة اجتماعية وتكافؤ فرص أتاح له الصعود والترقى فى المجتمع حتى حصل على الدكتوراة من جامعة القاهرة ، فى تلك الأثناء لم يكن مرسى يعرف شيئاً عن الإخوان ولا جماعتهم،   ولم يكن يعرف سوى أنه كلما اجتهد فى دراسته ارتفع على سلم المجتمع، بينما تلك الجماعة فى ذاك الوقت كانت منشغلة بتدبير عمليات الاغتيال ، وتنفيذ مخططات الإرهاب لتعطيل نهوض مصر، ومن حسن حظ مرسى انه لم يكن يعرف بهم وإلا ما وصل إلينا الأن رئيساً ، فلربما ورطوه فى قضية قتل كهنداوى دوير وغيره، وربما فخخوه بحزام ناسف ليقتل وزيرا او يهدم مبنى.
فمحمد مرسى لا يعد وصوله هدماً لدولة عبد الناصر، بل تأكيداً لتنبؤات جمال عبد الناصر الذى أخبر المصريين فى إحدى خطبه أنه لن يكون رئيساً عليهم إلا مصرياً واحد منهم ابناً لمواطن فقير من بينهم، لقد ناضل عبد الناصر لكى يكون لمرسى وأمثاله من أبناء الفقراء مكاناً تحت الشمس ، و حلم أن يكون من حقهم فرصة الوصول لقصر الرئاسة، فتحقق ما  أراد وحلم ووصل أبناء الفقراء للسلطة بعد ألاف السنين فى نير الاستعباد.
وختاماً فإن من يظن أن تغييراً حدث هنا وهناك يعد بمثابة نهاية لدولة عبد الناصر وثورة عبد الناصر فهو واهم، لأن ما أحدثه عبد الناصر فى بنية المجتمع من تنمية حقيقية وتعليم مجانى أتاح لأبناء الفقراء الوصول لكرسى الرئاسة سيبقى، إلا إذا كان الدكتور محمد مرسى ينوى رفع السلم الذى صعد عليه إلى القصر، وهو سلم التعليم المجانى فى مجتمع العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، فإن حاول رفع السلم فلينتظر مصير مبارك وعائلته الذين حاولوا رفع السلم فانتهى بهم الحال كما تشاهدون جميعا

0 التعليقات:

إرسال تعليق