الأربعاء، 6 يونيو 2012


 الخرائط السرِّية لنهب مطار إمبابة

أرض مطار إمبابة تنتظر قرارًا يحدد مصيرها
- الخرائط تفضح المخطط الذي اعتبره وزير الإسكان سرًّا حربيًّا
- الأهالي: لن نتخلى عن أرضنا ولن نكون حلقةً جديدةً للخصخصة
- د. مجدي قرقر: إخفاء الخرائط يؤكد وجود شبهة فساد في التطوير

 الخرائط التي وصفها الوزيرالسابق أحمد المغربي وزير الإسكان بـ"السر الحربي"، والتي تكشف أسرار خطة الوزير لأماكن الإزالة المقررة على المحاور بمنطقة أرض مطار إمبابة، تبعًا لقرار المنفعة العامة الصادر من مجلس الوزراء في 1/1/2009م بمنطقة شمال الجيزة؛ والتي أخفاها الوزير وذلك في إطار محاولة لكشف النقاب عن الموضوع الذي غلفته السرية وعدم الشفافية
ووسط الجدل المثار بشأن إخفاء الوزير لمخططه بأرض مطار إمبابة، أظهرت الخرائط التي حصلنا عليها أن محور الإزالة الأول سيتم بشارع النصر المتفرع من شارع الوحدة؛ حيث من المقرر أن يُزال به أكثر من 23 عمارة سكنية؛ نتيجة للكثافة السكانية المتزايدة بتلك المنطقة، وستستمر الإزالة لما يقرب من 80 مترًا وصولاً لسنترال الوراق وشارع ترعة السواح.
أما المحور الثاني للإزالة، فقد أوضحت الخرائط أنها ستبدأ من شارع التل عند محطة الصرف الصحي والمستشفى الحكومي، مرورًا بشارع سينما الوراق؛ حيث ستشهد تلك المنطقة إحداث إزالتين مع توسعة الشارع شمال التل بعرض 30 مترًا، ومن المقرر أن يمتد هذا المحور من الإزالة إلى الطريق الدائري.

وتشير الخرائط إلى أنه سيتم الاتجاه إلى شارع البوهي، ابتداءً من شارع المدرسة ومركز الشباب؛ لتمتد الإزالة بعد ذلك من شارع الكورنيش، بدءًا من محور طلعت حرب بعرض يمتد إلى 30 مترًا بموازاة شارع الجامع على أن تتم التوسعة لكلا الشارعين بعرض واحد.
ليس هذا فحسب، بل بينت الخرائط أيضًا أنه ستتم إزالة بعض المنازل الواقعة خلف منطقة المرور بامتداد 60 مترًا، مرورًا بنادي إمبابة دخولاً لشارع النصر.
ومن المقرر، أن تأخذ الإزالة في طريقها مستشفى النور المحمدي والعمارات الواقعة بجوارها يمينًا حتى الطريق الدائري.
أما شارع القومية العربية، فستقع عملية الإزالة من جانب مستشفى النور المحمدي والعمارات الواقعة بجوارها حتى البنزينة ويمينًا حتى الدائري.
وجاءت الخرائط الثمانية لتحل اللغز الذي سيتسبب في تشريد أكثر من 30 ألف أسرة، فلا يوجد رد من الحكومة ولا الوزارة؛ لتنجلي حقيقة واحدة أمام الجميع أن هناك أمرًا خفيًّا ومخططًا، لا تريد وزارة الإسكان ممثلة في هيئة التخطيط العمراني الإفصاح عنه.
تهديد وتشريد
أهالي المنطقة أجمعوا على رفضهم سياسةَ التعتيم بشأن المشروع، معلنين عن خشيتهم من ألا يتمكنوا من الحصول على التعويضات الكافية، أو أن يقوم بالاستيلاء على أراضيهم مستثمر أو أحد كبار رجال الأعمال، وأعرب لنا عادل مرسي- مدرس- عن قلقه بشأن تطوير المنطقة التي يقطن بها منذ أكثر من 20 عامًا، مؤكدًا أنه وأهله وأغلب أقاربه يعيشون في تلك المنطقة، وأن بيوتهم الآن تقدر بمبالغ باهظة؛ ما يجعلهم يخشون من وقوع تصرفات طائشة تضر بمصالحهم وتهدد ممتلكاتهم من قبل الوزارة وهيئة التخطيط العمراني؛ بحجة تطوير العشوائيات.
ويضيف فتحي علي (أحد قاطني منطقة الأمل بأرض مطار إمبابة) أنه لن يتخلى عن حقه، مشيرًا إلى أن سياسة التعتيم التي تتبعها الحكومة في التعامل مع المشروع تؤكد أن هناك مخططًا للاستيلاء على أراضيهم.
تامر الجندي (صاحب متجر بأرض مطار إمبابة) أبدى أيضًا خشيته من عدم تعويضهم عن ممتلكاتهم المتضررة، خاصة أن متجره به أكثر من 10 عمال ولهم أسرهم التي يعولونها.
ويتساءل الجندي: من سيعوضني ويعوض تلك الأسر؟ وهل سيكون التعويض مكافئًا للقيمة الحقيقية لممتلكاتنا؟
وتقول إحدى السيدات التي تقطن المنطقة إنها لا تفهم ما المقصود من تطوير منطقتهم؟! وأنها ترى أنها منطقة جيدة بما هي عليه معربة عن قلقها من نقلهم لمناطق أخرى، لا يتمكنون من المعيشة فيها بعد العمر الطويل الذي قضوه بتلك المنطقة.
أيدٍ خفية
اللجنة الشعبية للدفاع عن أرض مطار إمبابة حذَّرت من غياب الشفافية لدى وزير الإسكان، بشأن الإعلان بشكل علني أمام الجميع عن مخطط تطوير منطقة شمال الجيزة.
وأكد المهندس محمد صالح المنسق العام للجنة الشعبية للدفاع عن أرض المطار أن مسألة التعتيم على مشروع التطوير ينبئ بوجود أيدٍ خفية من قِبل رجال الأعمال، تعمل على الاستيلاء على أرض مطار إمبابة، مشيرًا إلى أن ما يحدث بشمال الجيزة يعد جزءًا من سلسلة انتهاكات تتم بالبلاد، فتارةً يتم بيع أرض مطار إمبابة وتارةً أخرى يباع كورنيش النيل.
وأشار إلى أن وزير الإسكان تحايل على تنفيذ قرار المحكمة الإدارية بتقديم الخرائط الفعلية للمشروع، حيث قدَّم بدلاً منها خرائط لأحواض زراعية لمنطقة شمال الجيزة في الخمسينيات.
مخالفات بالجملة
ويؤكد محمد عز الدين (محامي الدفاع عن أرض مطار إمبابة) أنهم سيستمرون في كشف تعتيم وزير الإسكان عن التفاصيل الحقيقية للمشروع، فضلاً عن تشكيل لجان تنظيمية من جانب الأهالي للتصدي للمشروع المزعوم.
وأشار عز الدين إلى أن هناك مخالفةً صريحةً للقانون متمثلةً في المادة (25) من قانون البناء الموحد التى تقضي بضرورة التنسيق مع المجالس المحلية قبيل تحديد ملامح مشروع التطوير، فضلاً عن مخالفة المادة (12) من القانون، والتي تحتم عرض المشروع على أهالي وقاطني المنطقة لأخذ آرائهم وملاحظاتهم حول المشروع قبل الشروع في تنفيذه.
فساد
من جانبه، يؤكد الدكتور مجدي قرقر أستاذ التخطيط العمراني بجامعة القاهرة أن هناك علاقةً خفيةً تربط بين إخفاء خرائط تطوير أرض مطار إمبابة وبين مجموعة من سماسرة الأراضي، بما يؤكد وجود شبهة فساد في هذا المشروع لتحقيق مآرب خاصة.
ويوضح أن مسألة إنشاء حديقة يعرض المنطقة لخطر داهم وغير مبشر نهائيًّا، ولا بد قبل البدء في أي تطوير أن يكون لصالح السكان وليس لأي مصالح أخرى.
ويرى أن التطوير مبدأ مهم، ولا مشكلة فيه، ولكن التطوير لا بد وأن يكون واضحًا ومعلومًا أمام الجميع، ولا يتدخل فيه رجال أعمال؛ حيث من المفترض أن يجري الاتفاق بين هيئة التخطيط العمراني والمجلس المحلي وكذلك المواطنين.
ويتساءل: لمصلحة مَنْ إخفاء تفاصيل هذا المشروع طيلة هذه الفترة؟ ولماذا التهرب من المواجهة من جانب المسئولين بوزارة الإسكان؟
وتعود جذور قضية تطوير أرض مطار إمبابة لعهد حكومة عاطف عبيد في عام 2000م، حينما أرادت حكومته البدء في تطوير منطقة أرض المطار، وتحويلها إلى حديقة عامة، ولكن قوبلت فكرته برفض تام، وحينما جاءت حكومة نظيف كلفت وزارة الإسكان بمتابعة إمكانية استغلال أرض مطار إمبابة لتطويرها؛ بغية تسهيل المرور وتطوير العشوائيات بالمنطقة.
وقد تم تصوير منطقة أرض المطار بشكل كامل، وتم تحديد المساحة المفترض تطويرها، وبلغت 209 أفدنة؛ حيث تبلغ مساحة أرض معهد الطيران وحدها 50 فدانًا، وتأتي أرض مطار إمبابة بمسطح 195 فدانًا.
وتناثرت العديد من الأقاويل حول الكيفية التي سيتم بها استغلال أرض المطار، وكان منها إنشاء مجمع مدارس وحديقة عامة، وأقاويل أخرى ذكرت أنه سيتم إنشاء مول تجاري ترفيهي، في حين أن الأهالي لا يعرفون مصيرهم، وسط تناقل تسريبات بأن يحصل كل مواطن على 5000 جنيه مقابل الحجرة الواحدة.

.

0 التعليقات:

إرسال تعليق